ليلة الأربعاء الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون أنّ قوات بلاده قتلت قائد تنظيم داعش في الصحراء الكبرى، عدنان أبو وليد الصحراوي.
وقال ماكرون في تغريدة على تويتر إنّ قائد التنظيم المسلح “تمّ تحييده على أيدي القوات الفرنسية”، مضيفا “هذا نجاح كبير آخر في معركتنا ضدّ الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل”.
وفي تغريدة ثانية، قال ماكرون إنّ “الأمّة تفكر هذا المساء بكلّ أبطالها الذين ماتوا من أجل فرنسا في منطقة الساحل في عمليتي سرفال وبرخان، وبالعائلات المكلومة، وبجميع جرحاها. تضحياتهم لم تذهب سدًى. مع شركائنا الأفارقة والأوروبيين والأميركيين سنواصل هذه المعركة”.
فمن يكون الإرهابي أبو وليد الذي تكلف الرئيس الفرنسي شخصيا بالإعلان عن تصفيته؟
هو عدنان أبو وليد الصحراوي زعيم “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، واسمه الحقيقي لحبيب عبدي سعيد، ولد في مدينة العيون بالصحراء المغربية عام 1973، ثم انضم إلى جماعات مرتبطة بتنظيم “القاعدة” قبل أن يتركها وسط خلافات مع كبار قادتها ويلتحق بـ”داعش”.
نشأ الصحراوي بمخيمات المحتجزين في تندوف بالجزائر، وفي عام 1992 حصل على منحة من “البوليساريو” لينال شهادة البكالوريوس ودرس العلوم الاجتماعية في جامعة منتوري بالجزائر والتي تخرج منها عام 1997.
عمل بعد ذلك في “اتحاد الشباب الصحراوي”، حيث كان مسؤولا عن استقبال ومرافقة الوفود الأجنبية التي تزور مخيمات تندوف.
في عام 2004، انضم إلى “احرار تندوف” وهي حركة إسلامية تنشط بمخيمات تندوف تحولت فيما بعد الى ميلشيات مسلحة تشتغل تحت إمرة الجنرال سعيد شنقريحة الدي كان، آنذاك، قائد المنطقة العسكرية الثالثة جنوب تندوف لتأمين طريق لبارونات المخدرات ومهربين السجائر والأسلحة للجماعات الإرهابية في الساحل.
عام 2010 كان بداية ظهوره كقائد ميلشيات، ففي ذلك الوقت غادر تندوف إلى شمال مالي عبر موريتانيا برفقة عدد من ميلشيات الجنرال سعيد شنقريحة، وفي أكتوبر 2011، أنشأ “حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا” التي أيدت تنظيم “القاعدة”، وأصبح المتحدث باسمها وكان أول ظهور علني له عندما نفذت الجماعة عملية اختطاف ثلاثة أجانب عاملين في المجال الإنساني في تندوف.
وذاع صيته في عامي 2012 و2013، بعد أن شاركت الجماعة في السيطرة على شمال مالي.
وبعد ذلك، انضمت “حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا” إلى مختار بلمختار ورجاله في عام 2013 لتشكيل جماعة “المرابطين”.
ثم ما لبثت أن أدت الخلافات مع قائد “تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” مختار بلمختار إلى الانشقاق وإعلان مبايعته “داعش”، لكن الأخير اعتبر قيادته غير شرعية لأنه كان يعتقد أنه يفتقر إلى الخبرة والمعرفة بالاستراتيجية الجهادية وأيديولوجية القاعدة.
بلغ الصراع ذروته عندما أصدر الصحراوي، في ماي 2015، بيانا صوتيا يقسم فيه بالولاء لتنظيم “داعش” وزعيمه حينها أبو بكر البغدادي. وبعد فترة وجيزة، أعلن بلمختار أن الصحراوي لا يتحدث نيابة عن “المرابطين” وأعاد تأكيد ولاء الجماعة للقاعدة، وهو ما حدث بالفعل، لكن الصحراوي قام بتشكيل جماعة “تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى”، وبعد فترة وجيزة، قالت تقارير إن مقاتليه اشتبكوا مع مسلحين موالين لبلمختار.
نشطت جماعة الصحراوي في “منطقة المثلث الموت الحدودي”، حيث تتركز عمليات القوة المشتركة لدول الساحل الأفريقي (مالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وتشاد)، وشنت هجمات مختلفة على أهداف عسكرية مرتبطة بهذه القوات وكذلك الأهداف المدنية.
ومنذ فبراير 2018، تشن قوات مكافحة الإرهاب الفرنسية في إطار “عملية برخان” هجمات ضد التنظيم، الذي يقوم أيضا بتنفيذ هجمات ضدها وضد قوات الجيش المالي والميليشيات المحلية المتحالفة مع القوات الفرنسية.
وعملت الجماعة بقوة على تأكيد وجودها في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، بسبب هيمنة “القاعدة” والجماعات التابعة لها في المنطقة. ومع ذلك، قال متحدث باسم جماعة الصحراوي في أوائل عام 2018 إن “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”، أكبر تحالف إسلامي في منطقة الساحل مرتبط بتنظيم “القاعدة” والتي تأسست في 2017، تشارك هدفها “في الدفاع عن الإسلام”.
في 2019، وبعد سنتين على كمين أودى بحياة أربعة جنود أميركيين في النيجر، أعلن “برنامج المكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية عن مكافأة تصل إلى خمسة ملايين دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى تحديد مكان أبو وليد الصحراوي.
وجاء هذا القرار بعد أن أدرجت وزارة الخارجية الأميركية تنظيم “داعش” بالصحراء الكبرى، ضمن القائمة السوداء كمنظمة إرهابية أجنبية، ووضعت زعيمه على قائمة الإرهابيين العالميين.