باريس – في تطور خطير، وجهت النيابة العامة الفرنسية لمكافحة الإرهاب اتهامات ثقيلة إلى ثلاثة أشخاص، أحدهم يعمل داخل القنصلية الجزائرية في فرنسا، بتهم تتعلق بمحاولة اختطاف واحتجاز المعارض الجزائري أمير بوخرص، المعروف بلقب «أمير ديزاد».
العملية، التي جرت نهاية أبريل الماضي، صنفتها السلطات القضائية ضمن القضايا الإرهابية ذات الأبعاد الدولية، وبدأت وقائعها عندما اقترب رجلان من ديزاد في باريس وادعيا أنهما من الشرطة الفرنسية، قبل أن يبلغاه أنه سينقل إلى أمستردام للقاء مسؤول جزائري.
غير أن الأمور سرعان ما انحرفت نحو محاولة اغتيال واضحة، انتهت بتخدير الضحية وتركه في غابة نائية، وفق ما نقلته صحيفة لوباريزيان التي كشفت أن الخطة فشلت في اللحظات الأخيرة لأسباب “مالية وفنية”.
تزامنا مع التحقيقات القضائية، أثار تورط دبلوماسيين في القنصلية الجزائرية تساؤلات حول استخدام المقرات الدبلوماسية لتصفية حسابات سياسية، في سابقة تذكر بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده بإسطنبول سنة 2018، وهي الجريمة التي هزت الرأي العام العالمي وطرحت علامات استفهام حول الحصانة الدبلوماسية حين تتحول إلى غطاء للاغتيال.
التحقيقات الفرنسية أظهرت أن أحد المتورطين كان على اتصال مباشر بمسؤول جزائري يُعتقد أنه ضابط استخبارات، وهو ما يزيد من الشبهات بشأن وجود شبكة منظمة لاستهداف المعارضين في الخارج، وهي نفس الفرضية التي تبنتها جهات دولية حين تابعت تفاصيل اغتيال خاشقجي، الذي دخل قنصلية بلاده ولم يخرج منها أبدا.
وتؤكد المصادر القضائية الفرنسية أن هذه المحاولة لم تكن الأولى، بل تأتي في سياق سلسلة محاولات ضغط وترهيب تستهدف معارضين جزائريين في أوروبا، خاصة من الذين حصلوا على وضع لاجئ سياسي، مثل ديزاد، الذي يُعرف بانتقاده الحاد للسلطات العسكرية في الجزائر وكشفه عن ملفات فساد داخل أجهزة الدولة.
الحادثة أعادت إلى الواجهة النقاش حول ضرورة حماية المعارضين السياسيين على الأراضي الأوروبية، ومساءلة الحكومات التي تسمح بتحول البعثات الدبلوماسية إلى أدوات قمع خارج الحدود. كما دعت منظمات حقوقية إلى معاملة محاولة اغتيال ديزاد بالجدية ذاتها التي تعامل بها العالم مع قضية خاشقجي، باعتبارها تمس بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.