المغرب – في وقت يستمر فيه العالم في مواجهة تغيرات مناخية متزايدة، يشكل ارتفاع درجات الحرارة تحديًا خطيرًا يواجه عمال البناء في الأوراش، مما يفرض اتخاذ خطوات فورية لحماية هؤلاء العمال الذين يلعبون دورًا حيويًا في بناء المجتمع.
مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة، أصبحت حياة عمال البناء الذين يقضون ساعات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة مهددة بشكل متزايد. في العديد من دول العالم، يتعرض هؤلاء العمال لمخاطر صحية جسيمة نتيجة العمل في ظروف مناخية قاسية، مما يعرضهم للإصابة بأمراض متعددة، وقد يصل الأمر أحيانًا إلى حالات وفاة.
إن العمل في بيئة مليئة بالتحديات يتطلب من عمال البناء القيام بمهام جسدية شاقة تحت أشعة الشمس المباشرة وفي ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة. هذا الوضع يزيد من احتمالية تعرضهم للإجهاد الحراري، وهي حالة تنتج عن فشل الجسم في تبريد نفسه بشكل كافٍ بسبب الحرارة الزائدة. يمكن أن يؤدي هذا الإجهاد إلى ظهور أعراض مثل الدوار، الغثيان، التشنجات العضلية، وفي الحالات القصوى قد يتسبب في الانهيار الحراري أو ضربة شمسية.
وتتفاقم خطورة هذا الوضع بسبب اشتغال العديد من عمال البناء في أوراش مفتوحة تفتقر إلى الظل الكافي أو وسائل التبريد الأساسية، مما يزيد من صعوبة التكيف مع الحرارة ويضاعف من مخاطر التعرض لأمراض متعلقة بالحرارة.
وعلى المدى الطويل، يؤثر العمل المستمر في ظروف مناخية قاسية بشكل كبير على صحة العمال. فالذين يتعرضون بانتظام لدرجات حرارة مرتفعة قد يعانون من مشاكل صحية مزمنة، تشمل اضطرابات القلب والأوعية الدموية، مشاكل في الجهاز التنفسي، وحتى أمراض الكلى نتيجة الجفاف المستمر.
لمواجهة هذه التحديات، أصبح من الضروري اتخاذ تدخلات عاجلة من قبل سلطات الوصاية والمقاولات على حد سواء، بهدف توفير بيئة عمل أكثر أمانًا لهؤلاء العمال. وترى مصادر نقابية أن تحقيق هذا الهدف يتطلب وضع قوانين صارمة تحدد ساعات العمل خلال فترات الحر الشديد، وإلزام أرباب العمل بتوفير معدات الوقاية الشخصية المناسبة، مثل القبعات الواقية وملابس العمل الخفيفة، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب بانتظام ومناطق استراحة مظللة.
بالإضافة إلى التدابير القانونية، شددت المصادر ذاتها على أهمية تنفيذ حملات توعوية تهدف إلى تعليم العمال كيفية التعرف على علامات الإجهاد الحراري وكيفية التصرف في حال حدوثها. كما ينبغي تقديم تدريبات على الإسعافات الأولية والإنعاش القلبي الرئوي، وهو ما يمكن أن يكون له دور كبير في إنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ.
ولا يقتصر دور حماية عمال البناء على الحكومة والمقاولات فقط؛ فالمجتمع أيضًا له دور مهم في تقديم الدعم والتوعية، وخلق حوار بين مختلف الأطراف المعنية لضمان حقوق العمال وسلامتهم. رفع الوعي العام حول معاناة هؤلاء العمال يمكن أن يساهم في خلق ضغط مجتمعي يدفع باتجاه تحسين ظروف عملهم.
