وسلط الجواهري، الذي كان يتحدث خلال حفل تخليد الذكرى العاشرة لـ”أيام الثقافة المالية”، وهي تظاهرة تهدف إلى تقريب الأطفال والشباب من عالم المال، الضوء على نتائج العديد من الدراسات الاستقصائية حول الثقافة المالية، بما في ذلك الاستقصاء العالمي لمؤسسة “ستاندرد آند بورز” في سنة 2014 بشأن مستويات الثقافة المالية، والتي وجدت أن ثلث البالغين فقط، حول العالم، يفهمون المواضيع المالية الأساسية.
وفي السياق ذاته، أورد أن دراسة أجريت بالمغرب سنة 2021، بينت أن أزيد من 40 في المائة من البالغين الذين لا يتعاملون مع البنوك صرحوا بعدم قدرتهم على استخدام حساب بنكي دون مساعدة لدى مؤسسة مالية.
وتابع قائلا إن الاستطلاعات حول الثقافة المالية التي أجريت حول العالم تظهر أن مستوى الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و29 سنة أقل من مستوى البالغين، مشيرا إلى أنهم حتى عندما يمتلكون ويستخدمون وسائل الدفع، أو منتجات الادخار، فإن لديهم معرفة ضعيفة بالقضايا المالية.
كما أشار إلى أن الوضع أكثر حساسية بالنسبة للأصغر سنا في جميع أنحاء العالم، مستشهدا بتقرير استقصاء “بيزا” لعام 2018، الذي كشف أن واحدا من كل 4 تلاميذ، وواحدا من كل 7 في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، عاجز عن اتخاذ قرارات بسيطة تتعلق بالإنفاق اليومي.
كما تصل بالكاد 10 في المائة إلى أعلى مستوى من المعرفة المالية في المتوسط ضمن بلدان المنظمة، وعلاوة على ذلك، فحتى إذا كان مراهق واحد من أصل اثنين يمتلك حسابا في مؤسسة مالية أو بطاقة أداء، فإن واحدا فقط من كل ثلاثة يمتلكون الكفاءة اللازمة لقراءة كشف حساب بنكي.
كما ذكر السيد الجواهري بنتائج الاستقصاء حول القدرة المالية الذي أجري مع البنك الدولي في سنة 2014، والتي أظهرت أن العديد من النقائص في المهارات المالية لدى البالغين ترجع أصولها إلى الطفولة وصغر السن.
وفي هذا الصدد، أوضح أن التربية المالية تشكل، في نفس الوقت، رافعة مهمة لحماية الزبناء والإدماج المالي الهادف إلى تعزيز الصمود والرفاهية المالية للمواطنين.
كما أبرز الدور الذي تضطلع به المؤسسة المغربية للثقافة المالية، بوصفها هيئة تتمثل مهمتها الرئيسية في توحيد الجهود المبذولة بشكل منفصل من قبل مختلف المتدخلين، بهدف تطوير السلوكيات المالية للمواطنين من خلال الإجراءات المحددة في إطار المخطط الاستراتيجي المعتمد.
وفي هذا الصدد، أشار إلى أنه منذ مخططها الاستراتيجي الأول 2014-2018، حددت المؤسسة الأطفال والشباب كمستهدف ذي أولوية واستدامة لبرامجها، نظرا لكون جميع الدراسات اتفقت على ضرورة البدء في هذا التثقيف منذ سن مبكر، من أجل ترسيخ السلوكيات الجيدة والسليمة.
وتابع أن القرارات المالية التي يتخذها الشباب لا بد أن يكون لها تأثير على حياتهم في مختلف المراحل، خاصة وأن التطور السريع للخدمات المالية والنطاق المتزايد للعوامل الخارجية يجعلان تدبير الشؤون المالية الشخصية والمهنية أكثر صعوبة لهذه الفئة من المواطنين.
وفي إشارة إلى التوجه الاستراتيجي للمؤسسة المغربية للثقافة المالية، قال السيد الجواهري إنه يمكن تلخيصه في “التضامن ، والشمول، والابتكار، وسرعة الاستجابة “، مبرزا أن كل دورة تقدم مستجدات على مستوى الإجراءات المقترحة والمبادرات المتخذة، مما يسمح بالتطور المستمر في كل من أعداد المستفيدين وفي الفئات الجديدة المشمولة.
وفي هذا الإطار، أكد أن جهود المؤسسة والجهات المعنية ركزت بالدرجة الأولى على إدماج وحدات للتربية المالية في البرامج التعليمية، مضيفا أنه تم إجراء تجارب أولية مع وزارة التربية الوطنية، جعلت من التربية المالية رسميا مكونا في مناهج التعليم الابتدائي، وهو حدث كبير في نظامنا التعليمي.
من جهة أخرى، اعتبر والي بنك المغرب أن النتائج مشجعة دون شك، إلا أنها تظل غير كافية بالنظر لأهمية ومتطلبات التربية المالية.
وفي هذا الصدد، وافق بنك المغرب، بدعم تقني من منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية على إجراء مقياس للقدرة المالية والذي سيتيح معلومات حول الفجوات التي يجب تقليصها من حيث المعرفة والمهارات المالية للمواطنين، والذي ستكون نتائجه متاحة خلال النصف الأول من سنة 2023.