تشع الخزانة الثقافية والأدبية العربية بوميض كتاب جديد، للكاتب والروائي والمترجم الأدبي والناقد والمترجم المغربي عبد القادر الشاوي، اختار هذا الأخير لمؤلفه الصادر حديثا عن دار الفنك للنشر، اسم “التيهاء” كعنوان، وهو يدخل في صنف التخييل الذاتي، الذي ينغمس في سبر أغوار حياة الكاتب الشاوي..
جاءت تحفة الكاتب المبدع على شاكلة 294 صفحة تقريبا، من القطع المتوسط. مكونة من فقرات مستقلة بدون عناوين ولا أرقام فاصلة، بلغة مشبعة بالدلالات ومليئة بالخيال الذي يحفز العقل على التفكير والتفكر، وبمزيج من التاريخ والذاكرة والسيرة والذاتية والغيرية.
يغوص الكتاب في محطات حياة الكاتب البارزة، التي تمتد من سنوات طفولته في باب تازة، مرورا بسنوات الدراسة في تطوان والرباط، قبل الانخراط في حياته المهنية بالدار البيضاء، ثم ميولاته السياسية، فتوجهه أخيرا للكتابة كمحطة أساسية وجد ضالته فيها
يذكر هنا أن عبد القادر الشاوي من مواليد 1950 بباب تازة، صدرت له المئات من المقالات منذ سنة 1968, وعدة مؤلفات في مختلف المجالات الأدبية والفكرية، من قبيل (الساحة الشرقية) 1999, فضلا عن عدة كتب شملت مجالات فكرية وسياسية، إضافة إلى النقد والإبداع الروائي، ومن إصداراته: (السلفية والمواطنة) 1985؛ (كتاب الذاكرة)2015; (مرابع السلوان) 2020.
كتب الشاوي على خلفية غلاف كتابه تعليقا جاء فيه : دليلي في هذا الكتاب مَكْشُوف: أعْنِي أنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت بدون تخطيط ولا ترتيب، ولم أكنْ أمام أسْبَقِيَّاتٍ تدعوني إلى الاختيار. دوافعِي غَامِضَة تماما، وأدْرِكُ أنَّ القارئ لَنْ يَلُومَنِي إذا ما قلتُ له تَخْصِيصاً: إنَّنِي كتَبْتُ ما كَتَبْت حِكَايَة لِنَفْسِي وَسَرْداً لِعُزْلَتِهَا في الكتابة. ولهذا وجدتُ نفسي في آخر الصَّفَحَات على اقْتِنَاعٍ تام بِمَا كان يَجِبُ أنْ يَكُون في أوَّلِ الصَّفَحَات-المُقَدِّمَة التي لم تُكْتَبْ أصْلا. مَفَادُ هذا الاقْتِنَاع، وَأَنَا أنْقُلَهُ عن Manuel Alberca (هذا أنَا ولسْتُ أنَا، أشْبِهُنِي ولكِنَّنِي لستُ أنَا، لَكِنْ حَذَارِ فَقَدْ أكُونُ أنَا).
علق الناقد والمترجم الأدبي إبراهيم الخطيب في كلمة عن “التيهاء” أنه : “لا يتعلق الأمر بنص روائي أو نقدي أو تحليل سياسي، وإنما هو مراودة لسجل كتابة يتراوح بين استرجاع ذكريات عن صدف الماضي، أو الدنو من حيوات بعض الكتاب مع فحص منعرجاتها، إلى جانب سبر خلفيات مواقف ولقاءات، فضلا عن كشف سياقات بعض كتابات المؤلف المنشورة في مظان مختلفة، أو البحث في أصداء وجدانية لرحلات قام بها، هنا وهناك”.
وأضاف أن “الكتاب هو أيضا إطلالة على دفتر علاقات الكاتب، ولائحة صداقاته، التي تتميز بغناها الجغرافي، سواء داخل المغرب أو خارجه، كما يمكن اعتباره تتمة أو إضافة لسرود ذكرياته وقراءاته كما تجلت في (دليل العنفوان) أو (دليل المدى) أو (جارات) بجزئيه”.
كما أشار إلى أن: ” عنوان (التيهاء) ذكره بأن الشاوي كان يعتزم إطلاق عنوان شبيه به، (الخلطاء)، على كتاب ذكرياته (دليل المدى)، قبل أن يعدل عن ذلك لأسباب معينة”.
أبواب الأكشاك إذا لها موعد مع عشاق الغوص في الزخم “التخييلي” من أجل التيهان وسط صفحات “التيهاء”.