Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / آراء / تخليق الحياة السياسية والنهوض بالعمل الحزبي: رهان وطني قبل أن يكون انتخابي

تخليق الحياة السياسية والنهوض بالعمل الحزبي: رهان وطني قبل أن يكون انتخابي

كيوسك أنفو 17 أغسطس 2025 - 23:56 آراء

محمد لعبيدي *

منذ الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، أضحى جليًا أن رهان الاستحقاق التشريعي المقبل لم يعد مجرد محطة انتخابية عادية، بل أصبح مرتبطاً ارتباطًا وثيقًا برهانات كبرى تتعلق بمكانة المغرب إقليميًا ودوليًا، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية، وهو ما يفرض على الأحزاب السياسية أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والوطنية، بعيدًا عن الحسابات الضيقة العددية ومنطق الريع الانتخابي.

 

فالتوجيهات الملكية لم تأت في سياق عادي، بل في محيط عالمي متقلب، يفرض على الدولة جبهة داخلية صلبة وقوية، غير أن الواقع يكشف هشاشة هذه الجبهة بسبب أعطاب حزبية متراكمة، تتجلى في الارتهان إلى الكائنات الانتخابية وتغييب الكفاءات الوطنية المؤهلة، الأمر الذي انعكس سلبًا على الثقة في المؤسسات وعلى رهانات الدولة الاستراتيجية.

 

اليوم، ومع اقتراب انتخابات 2026، تقف الأحزاب السياسية أمام مفترق طرق: إما أن ترتقي إلى مستوى اللحظة التاريخية، وتعيد الاعتبار للعمل السياسي النبيل عبر الانفتاح على النخب الجديدة والشابة ذات الكفاءة والغيرة الوطنية، أو تواصل إعادة إنتاج نفس الوجوه ونفس الأساليب الفاشلة، فتعمق الهوة بينها وبين المجتمع، وتضعف رصيد الثقة في المؤسسات.

 

إن إدماج الكفاءات ليس ترفًا سياسيًا ولا مجرد عملية تجميلية لتزيين المشهد، بل هو خيار وطني استراتيجي، فالمغرب الذي راكم انتصارات دبلوماسية في ملف الصحراء، يحتاج إلى جبهة سياسية داخلية موحدة، مؤمنة بالوطن، ومتحررة من منطق الصفقات والريع والارتقاء الاجتماعي السهل، حتى يكون الخطاب السياسي منسجمًا مع الجهد الدبلوماسي للدولة.

 

والسؤال الجوهري اليوم: هل ستلتقط الأحزاب السياسية إشارات المرحلة وتترجمها إلى ممارسات مسؤولة في اختيار مرشحيها وخطابها السياسي؟ أم أن منطق العدد والهاجس الانتخابي سيظل المهيمن، بما يعنيه من إعادة إنتاج الأزمة، وتكريس النفور الشعبي، وتقويض الثقة في الديمقراطية التمثيلية؟

 

إن الأحزاب، التي اعتادت ترديد شماعة تدخل الدولة وسطوة المال، مدعوة اليوم إلى مراجعة ذاتها بصدق، لأن الرهان المطروح أكبر من مجرد مقاعد برلمانية؛ إنه رهان تخليق الحياة السياسية وبناء ديمقراطية قوية قادرة على تعزيز صورة المغرب إقليميًا ودوليًا.

 

×كاتب رأي

شاركها LinkedIn
Social Media Auto Publish Powered By : XYZScripts.com