مصطفى البختي *
ساركوزي-غايت، هو أحد ملفات الفساد الإنتخابي والمالي الذي تعرفه السياسة الفرنسية التقليدية، أمام القضاء الفرنسي.
حيث أكد مكتب المدعي العام الفرنسي جان فرانسوا بونيرت، المعني بالجرائم المالية، في 25 غشت 2023 ، إن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي سيمثل للمحاكمة عام 2025، واثني عشر شخصا آخرين بإحالتهم إلى المحكمة الجنائية. بجريمة التنظيم الإجرامي، بعد أن سمح لهم نيكولا ساركوزي عن علم “بالتصرف من أجل الحصول أو محاولة الحصول” من طرابلس على “دعم مالي لتمويل حملته الانتخابية لعام 2007″،
وقرر القضاة إجراء محاكمة تستهدفه بتهم “الفساد السلبي” و”التستر على اختلاس أموال عامة” و “الارتباط الإجرامي” و”التمويل غير القانوني” من الحكومة الليبية لحملته في الانتخابات الرئاسية التي فاز بها عام 2007.
وأضافت النيابة العامة أنها حددت يوم 7 مارس 2024، موعدا للجلسة الأولى “جلسة الاستماع”، أمام الغرفة الثانية والثلاثين لمحكمة الجنايات بباريس، للنظر في القضية، على أن تجرى المحاكمة نفسها في الفترة ما بين 6 يناير و10 أبريل 2025.
وقالت النيابة العامة المتخصصة في الجرائم المالية إن ساركوزي سيحاكم في هذه القضية بتهم “التستر على اختلاس أموال عامة والفساد السلبي وتمويل الحملات الانتخابية بشكل غير قانوني والتآمر الإجرامي بهدف ارتكاب جريمة عقوبتها السجن 10 سنوات”.
بعد أن قادت التحقيقات إلى ليبيا والمملكة العربية السعودية وسويسرا وماليزيا… وتم توجيه الاتهام إلى المتورطين في قضية “ساركوزي-غايت””
كما سبق أن تم اتهام نيكولا ساركوزي لأول مرة في مارس 2018 بتهمة “الفساد السلبي والتمويل غير القانوني للحملات الانتخابية وإخفاء الأموال العامة الليبية” . وللمرة الثانية في عام 2020 بتهمة الارتباط الإجرامي. التي تورط فيها “كلود جيون” و “بريس هورتفو” ورفضت محكمة النقض عام 2021، آخر طعن إجرائي قدمه نيكولا ساركوزي وأقاربه.
ففضيحة الفساد المالي والإنتخابي هذه، التي تعد من السياسة الفرنسية التقليدية، المشوية باتهامات الفساد، هي التي جعلت ساركوزي في عام 2011، أحد المدافعين الرئيسيين عن الحملة التي قادها حلف شمال الأطلسي على ليبيا، وكانت فرنسا إلى جانب المملكة المتحدة، هي التي دفعت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تبني قرار في 17 مارس2011، الذي يفرض منطقة حظر جوي ويسمح، بشن غارات جوية؛ أدى إلى حرب شنها التحالف الدولي عام 2011، بين مارس وأكتوبر على ليبيا، والتي أسفرت بالإطاحة بنظام القذافي، للتغطية على ما يسمى”التمويل السياسي القذر” في “ساركوزي-غايت”.
وقد يواجه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2007 إلى 2012، عقوبة السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات إذا أدين في هذه القضية، وهناك أيضًا قضايا قانونية أخرى ضده، كتجاوز الإنفاق غير المشروع خلال حملته الفاشلة عام 2012.؛ وضد 12 متهمًا آخرين في القضية، من بينهم شخصيات معروفة مثل:
“كلود جيون”، المساعد الأيمن لساركوزي، وأمين صندوق حملته الانتخابية، ووزير الميزانية السابق “وإريك وورث”، ووزير الداخلية السابق “بريس هورتفو”. الذي تم تحويل الأموال الليبية إليه على دفعتين في عام 2006، ورجال الأعمال الفرنسي الجزائري ألكسندر دجوهري، والفرنسي اللبناني زياد تقي الدين والليبي بشير صالح بشير..
وسبق أن لجأ ساركوزي والذين وردت أسماؤهم في التحقيق، إلى محكمة الاستئناف في باريس للطعن في مسائل إجرائية وليس في أساس الاتهامات.؛ بعد أن ألغت المحكمة أحد مبررات اتهام الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، بانتهاك قانون الانتخابات، كما سمحت لقضاة التحقيق المسؤولين عن قضايا الفساد في محكمة الاستئناف بباريس بمواصلة تحقيقاتهم. في التمويل الليبي لحملته الإنتخابية سنة 2017، والذي قاده القاضيان أودي بوريسي ومارك سومرير
كما سبق أن أكد سيف الإسلام القذافي نجل معمر القذافي، عن استعداده على تقديم شهادته في فضيحة “ساركوزي-غايت” وتقديم أدلة على أن ساركوزي كان مدعوما بأموال غير مشروعة، إحداها كونه شاهد على تسليم الجزء الأول من التمويل الليبي لرئيس مكتب ساركوزي كلود غوانت في طرابلس.
مشيرا إلى وجود كافة تفاصيل التمويل والحسابات المصرفية والمستندات وعمليات التحويل، إضافة إلى أن هناك العديد من الشهود المستعدين للشهادة ضد ساركوزي، كعبد الله السنوسي، المدير السابق للمخابرات الليبية، وبشير صالح بشير، الرئيس التنفيذي السابق لشركة ليبيا للاستثمار.
بعد أن رفضت محكمة الاستئناف في باريس معظم الشكاوى التي قدمها ساركوزي للطعن في التحقيق المستمر في الأموال الليبية المتهم بتلقيها من معمر القذافي؛ التي بلغت ما يقرب من 8 ملايين دولار، حسب ما أكده رئيس المخابرات الليبية السابق محمد عبد الله السنوسي، وصهر معمر القذافي: الذي لديه تسجيل للاجتماع الأول بين ساركوزي والقذافي الذي عقد في طرابلس قبل حملته الانتخابية عام 2007:
اولا – لمسؤولين فرنسيين، حول كيفية إشرافه على دفع ملايين الدولارات لحملة ساركوزي، كما أمر العقيد القذافي؛ مقابل إلغاء مذكرة الاعتقال الدولية الصادرة ضده (أي السنوسي) ، بعد إدانته غيابيًا من قبل محكمة في باريس لدوره في تفجير مدرسة فرنسية. عام 1989.؛ مع تأكيد ساركوزي تسوية قضية مذكرة الإعتقال، مع عائلات ضحايا التفجير في فرنسا خلال عشرة أشهر.
ثانيا – ولقاضيا التحقيق في العلاقات المالية بين القذافي وساركوزي.
وبالتالي تبقى “ساركوزي-غايت” نموذج الفساد المالي والإنتخابي الذي ينخر السياسة الفرنسية التقليدية.
باحث في قضية الصحراء المغربية والمحيط الإقليمي للمغرب (*)