سليمة فرجي
القراءة المتأنية للقانون التنظيمي رقم 065.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها، الذي كان قد عرضه وزير الدولة الراحل عبد الله باها أمام لجنة العدل والتشريع سنة 2013، تجعلنا ندرك أن تمرير المادة الـ32 لم يحظ بمناقشة مستفيضة أو تم تمريره على المقاس آنذاك لوجود ثلاثة وزراء يترأسون مجالس جماعات؛ على اعتبار أنه إذا نصت المادة المذكورة على تنافي الوظيفة الحكومية مع العضوية في أحد مجلسي البرلمان ومع منصب مسؤول عن مؤسسة عمومية أو مقاولة عمومية ومع رئاسة مجلس جهة فالمفروض إذن أن تتنافى كذلك مع رئاسة جماعة لا أن تنص على أكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية أو لمجلس جماعة أو مجلس عمالة أو إقليم أو مجلس مقاطعة أو مجموعة تؤسسها ترابية، علما أن المادة التي نصت على التنافي مع رئاسة مجلس جهة في الوقت الذي أضافت عبارة “أكثر من رئاسة واحدة لغرفة مهنية أو لمجلس جماعة تكون قد أفرغت النص من محتواه لتفسح المجال للجمع بين مهام الوزير ورئيس مجلس جماعي.
والحال أن الاختصاصات التي يمنحها القانون التنظيمي للجماعات هي اختصاصات متشعبة وتتطلب التفرغ للشأن المحلي والتواصل مع الساكنة ومختلف الإدارات والمصالح والسلطة المحلية ولا تسمح بمهام أخرى خارج الجماعة الترابية، خصوصا الوظيفة الحكومية التي تتطلب الحضور في العاصمة والمشاركة في أشغال مجلس النواب ومجلس المستشارين كلما تعلق الأمر بتقديم ومناقشة مشاريع ومقترحات القوانين، والمشاركة في اجتماعات وجلسات تقديم التعديلات في شأنها والتصويت عليها، وكذا عند تقديم أجوبة الحكومة عن أسئلة النواب أو المستشارين أو حضور اجتماعات اللجان البرلمانية طبقا للمادة الـ24 من القانون التنظيمي المشار إليه أعلاه، إضافة طبعا إلى الصلاحيات المتعلقة بتنفيذ السياسة الحكومية في القطاعات المكلفين بها، وحضور مجلس الحكومة الذي يعقد مرة في الأسبوع على الأقل.
نستنتج من ذلك أن التنافي المنصوص عليه بخصوص الوظيفة الحكومية ورئاسة مجلس جهة كان ينبغي أن يمتد إلى رئاسة مجلس جماعة لا أن تورد المادة الـ32 عبارة “أكثر من رئاسة واحدة”، خصوصا أن رئاسة مجلس جماعي تتنافى مع العضوية في البرلمان إذا تعدى عدد السكان 300 ألف، ومن باب أولى أن تتنافى رئاسة مجلس جماعة مع الوظيفة الحكومية التي تتطلب التفرغ في إطار الصلاحيات والاستقرار بالعاصمة.
ولعل رفض التعديل بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات خلال الولاية البرلمانية المنتهية ليس له أي مبرر. ومن ثم، فإنه يتعين تعديل هذه المقتضيات والنص على التنافي بين الوظيفة الحكومية ورئاسة مجالس الجماعات؛ على غرار التنافي مع رئاسة مجالس الجهات والعضوية في البرلمان، إذ تتنافى صفة البرلماني مع رئيس جماعة يتعدى سكانها 300 ألف.
التنافي آلية من الآليات التي تمكن من العقلنة وتوزيع المهام والتفرغ للقيام بالصلاحيات المنوطة بالمنتخب من جهة والموظف الحكومي من جهة أخرى، بدل تشرذم المهام وتداخل الاختصاصات المؤدية إلى الارتباك وعدم تحقيق النتائج المتوخاة.