إيمان الرازي
لا يختلف اثنان على أن جماهير فريق الرجاء البيضاوي من أحد أهم وأبرز الجماهير الرياضية المغربية والعالمية الداعمة لفريقها بدون قيد أو شرط، جماهير تقدمت في عدة تصنيفات عالمية على جماهير فرق عريقة وعملاقة على عدة مواقع دولية متخصصة في تصنيف الجماهير الرياضية ووعيها الجمعي ورسائلها الهادفة وابداعاتها الغنائية في حشد الهمم والدعم النفسي والمعنوي لفرقها الكروية.
تقدم “الجراد” غير ما مرة، أو كما يحلو لي تسميتها كرجاوية، على كل هذه الجماهير العالمية من خلال “تيفوات” رفعتها الجماهير الخضراء في كل مرة، تحمل من الرسائل الهادفة ما يستحق أن يدرس لما لها من دلالات ومعان قوية وعميقة تحمل من الرموز ما لا يصعب فك شفراتها لسانيا وسيميائيا.
في المباراة الأخيرة التي جمعت بين الرجاء البيضاوي ومولودية وجدة، اختار green boys تمرير رسالتين مؤثرتين، تمثلت الرسالة الأولى في اعتماد اللون الأسود الموحد في ذات المباراة لحساب الجولة 18 من البطولة الاحترافية للقسم الأول، حيث تقرر ارتداء كل الجماهير الخضراء للأسود لما له من دلالات ربطتها بما أسمته تضييقا يطالها قبل كل مباراة داخل وخارج الميدان، وهذا ما أكده البلاغ الصادر عن مجموعات “الكورف سود” المساندة للفريق الأخضر والتي اعتبرت فيه بأن الخطوة ذاتها تعبير عن مدى انتهاك حقوق الجماهير، مطالبة في البلاغ ذاته، كل مشجع رجاوي بضبط النفس وتشجيع الفريق وعدم الدخول في مناوشات مع أي كان في تعبير صريح وواضح عن سلوك مواطناتي متأصل، يسقط كل الأحكام المجحفة في حق الجماهير الرياضية التي دائما ما يرتبط اسمها ووجودها بأحداث الشغب وإحداث الفوضى أينما حلت.
أما عن الرسالة الثانية، والتي عبرت عنها ذات الجماهير، فقد تمثلت في الرد الحاسم على أحجية حفيد مانديلا الصغير كما وصفته، والذي منحته اللجنة المنظمة لافتتاح مناسبة الشأن بالجارة الشرقية، حيزا معبرا من خلاله عن دعمه لجمهورية العراء والخيام في خرق سافر لفصل بطولة رياضية قارية عما هو سياسي إيديولوجي، بل هاجم في حديثه المغاربة في عمقهم وانتمائهم لجزء من وجودهم وكينونتهم.
لكن الجماهير الرياضية الخضراء لم تمهله الكثير، بل قدمت ردها في الزمان والمكان المناسبين، بحيث رفعت تيفو يحمل رسالة قوية مفادها “مانديلا الصغير… المستعمرة الوحيدة المتبقية في افريقيا هي أورانيا” وهي المنطقة المعزولة تماما عن المواطنين الجنوب افريقيين من ذوي البشرة السمراء.
فعلا إنها رجاء بحجم الوطن، رجاء مرتبط بقضايا الوطن الكبرى وهموم مواطنيه الكثيرة، فريق بمواصفات عالمية وبتأطير جدي وانخراط تام في الجواب على كل التحديات والرهانات المطروحة، إنها الرجاء الوطني ضمير حي يقظ لا ينام أو يموت، لا نقاش في انتمائه لمنطق الوطن أولا وأخيرا، فعلا إنه فريق الرجاء الذي يحلم مثلنا ويحمل همومنا ويدافع عن وحدة ترابنا متحملا مسؤوليته الكاملة والتاريخية في النقد كما التصدي لكل ما من شأنه أن يمس وحدة الوطن وحرية مواطنيه بنفس الصدق الذي قد يوجع لكنه لا ولن يضر.
