بكثير من التحفظات الابستيمولوجية، ودون الإغراق في التفاصيل النظرية والمفاهيمية فلذلك مقام اخر، سنناقش في هذا المقال بعض الاشكالات التي تطرحها “الديمقراطية”، باعتبارها أفضل آلية توصل إليها الفكر الانساني لتدبير الفضاء العمومي، لكنها تطرح العديد من العثرات على المستوى الاجرائي العملي والنظري أيضا.
لتدبير اختلاف الرؤى في تسيير الشأن العمومي اهتدى الإنسان المعاصر إلى الديمقراطية العددية، على أساس الخضوع لقرار الأغلبية العددية بآلية التصويت، فيكتسب القرار أو الشخص، مشروعيته من خلال عدد المصوتين لصالحه، أي من عدد مسانديه، يكفي إذن أن تحشد أكبر عدد ممكن من الأصوات لصالح فكرة ما حتى تكسب مشروعيتها.
بعد ذلك، ظهرت دعوات لحفظ حقوق “الأقليات” وحمايتها من “دكتاتورية الأغلبية” ، بعد أن برزت بعض سلبيات ديمقراطية الأغلبية العددية التي قد تتعسف على حقوق الأقليات وتصادر حتى حقها في الاختلاف والوجود، خاصة في ظل التطور الهائل في آليات الاستقطاب واللعب بالجماهير واللوبيات الإعلامية التي قد تخل بتكافؤ فرص جميع الأطراف للتعبير عن توجهاتها واستقطاب المصوتين، والتلاعب بالرأي العام من خلال الإشاعات والسيطرة على وسائل الاتصال … إلى جانب ظاهرة العزوف عن المشاركة ( عدم توفر النصاب، مقاطعة التصويت … )، وظهور المجتمع المدني الصامت أو السلبي … بالتالي كان من اللازم التفكير في طريقة لضمان إشراك أكبر عدد ممكن من أطياف المجتمعات في القرار من خلال “الديمقراطية التشاركية” في محاولة لعلاج وتدارك نقائص الديمقراطية العددية، وهي مقاربة يقول منظرو الفكر الإسلامي أنها أقرب إلى نظام “الشورى” رغم اختلاف المنهجية والآليات.
قبل مساءلتنا لنظام الديمقراطية التشاركية، نتساءل هل استوفينا أصلا مستلزمات الديمقراطية العددية، وهل وفرنا شروطها، وأولى شروطها هو وجود فضاء عمومي مدني حر غير مقيد باعتبارات عرقية أو دينية أو فئوية …، فلا يستقيم انتظار نجاح الديمقراطية في مجتمع يعاني من هول الفوارق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فكما قيل قديما، الحرية، بمعناها العام، شرط أساس للمشاركة في “التصويت”.
لقد انتشرت حالات تزوير النتائج وتصويت الموتى وأخطاء التصويت بسبب الأمية … وأصبح بإمكان “الرعاع” الفوز بالانتخابات في مواجهة “النخب الانتلجينسية”، كما ظهرت دعوات لفرض النظام “الشيوعي” أو “الإشتراكي” أو “الجماهيري” أو “الخلافة” في أفق المجتمع الديمقراطي، لكن تلك المحاولات لم تنتج سوى حروب وإبادات للحجر والبشر، كأن البشرية حاولت تغيير ديكتاتوريات بديكتاتوريات بالحديد والنار.
كما الشأن بالنسبة للديمقراطية التمثيلية، كذلك تفعيل/تنزيل الديمقراطية التشاركية يواجه العديد من المعيقات والتحديات؛ منها ما يتعلق بالفاعلين وبالفضاء الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي، لكن أيضا على ما يتعلق بالنقاش على المستوى النظري ذاته.
نضرب مثلا بأننا في المغرب، لم نستوفي حتى الفرص التي تمنحها آليات الديمقراطية التمثيلية في البرلمانات والمجالس الترابية، فكانت نسب المقاطعة مرتفعة، نتج عنه مثلا مجالس بمنتخبين بدون شواهد التعليم الابتدائي تسير شؤون جماعات ومدن تعرف نسب مهولة من بطالة حملة الشواهد العليا، وبرلمان ثلث أعضائه بدون شهادة البكالوريا، وننتظر منهم تشريع قوانين تساير التطورات والرهانات.
لقد قعد دستور 2011 للديمقراطية التشاركية من خلال التشاور العمومي، على أساس أن ينتقل المواطن من المتفرّج إلى الفاعل والمتابع والمق%Dم للشأن العام، وذلك عبر الهيئات الاستشارية المتمثلة في هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع التي %D شتر83 فيها الجماعات الترابية الثلاث، وهيئتين تنفرد بهما الجهات دون باقي الجماعات الترابية الأخرى وهي الهيئة المختصة بقضايا الشباب وأخرى مختصة بالقطاعات الاقتصادية، وكذلك من خلال الملتمسات في مجال التشريع للمشاركة في تقييم السياسات العمومية على المستوى الوطني.
لكن الديمقراطية التشاركية أيضا تعرف تعثرات ليس فقط على مستوى التطبيق والممارسة، بل أيضا على المستوى النظري، إذ نتساءل كيف يمكن الجمع بين ربط المسؤولية والمحاسبة بالديمقراطية التشاركية، فباعتبار أن القرار مشترك فالخطأ خطأ الجميع، بالتالي تكاد تكون المحاسبة مقتصرة على محاسبة مسؤولين في عدم تفعيلهم للمقاربة التشاركية وفي مدى تنفيذ المتفق عليه وليس على أساس النتائج أو حسن التدبير. لماذا سيحاسب مسؤول ترابي مثلا وهو لم ينفذ سوى ما أشرنا به عليه؟
في الحقيقة نعتقد أن “الديمقراطية التشاركية” تواجه الكثير من الاشكاليات، من أبرزها أنها محاولة لتقاسم “سلطة القرار” لكي تنتفي شروط المحاسبة واثبات المسؤوليات، حيث يتفرق “دم الفشل بين القبائل”، ولا يحاسب أحد فالمسؤولية حينها تكون مشتركة، فتبدو بذلك “الديمقراطية التشاركية” كنوع من التنصل من مسؤولية اتخاذ القرارات الجريئة مخافة المحاسبة، فيكون الحل بالنسبة للمسؤول هو إشراك الجميع في القرار، فينفذ المتفق عليه حتى وإن كان غير صائب، بل قد “يقتل” التوافق والإجماع أفكارا صائبة ووجيهة فقط لأنه لم يتم التوافق عليها، فغالبا ما ينتصر ذكاء “الحشد” على ذكاء الفرد حتى وإن كان هو الأصوب، ومعلوم أن ذكاء الحشد ليس بالمطلق حاصل مجموع ذكاءات الأعضاء.
هكذا أصبحت البرامج التنموية مثلا، غير مبنية على الدراسات الاستشرافية والتحليل العلمي … وتوجيهات الخبراء، بل تكاد تكون مجرد تجميع وتركيب لما يقترحه أكبر عدد من الفرقاء ليتم التوافق عليها، فتحظى بتصويت الأغلبية أو الإجماع.
لقد أنتجت المقاربات “التشاركية” في المجالس الترابية برامج عمل للترضية والمجاملات، خوفا من “الجماهير”، تضطر مجالس لبرمجة مشاريع بمنطق المحاصصة والاستجابة لمطالب المواطنين حتى وإن لم تكن تلك المطالب محققة للتنمية الحقيقية.
في كثير من المواقف عندما يريد أحدهم أن يبسط معنى الديمقراطية التشاركية، يستشهد بمثال لنسوة في قرية نائية كن يقطعن مسافة طويلة طلبا للماء … جاءت منظمة إلى القرية وقررت أن تنشئ لأهل القرية ساقية تقرب لهم الماء … لكن بعد أيام قليلة كسرت الساقية وخربت … وبعد بحث تبين أن هؤلاء النسوة هن من حطمن الساقية لأن تلك المسافة التي كن يقطعنها كانت بالنسبة لهن متنفسا … وهذه القصة تبرز ضرورة أشراك المعنيين في المشاريع … وهو مثال يبرز معنى الديمقراطية التشاركية … فيراد أن تكون الخلاصة أن “كل تخطيط لصالحي بدوني فهوي ضدي”، وهي في الحقيقة مقولة ليست دائما صحيحة، فأحيانا “ما أقوم به لأجلي قد يكون ضدي”، فالكثير من المشاريع الفاشلة والتي لم يكن لها أي تأثير إيجابي على المواطنين كانت في الواقع محصلة اقتراحات المواطنين ذاتهم.
وإضافة إلى إشكال الشروط الموضوعية والذاتية للعمل بالمقاربة التشاركية … كآلية، هناك جوانب تسائل خيار الديمقراطية التشاركية من الناحية الابستيمولوجية، متى وكيف وبأي طريقة يجب أن تمارس التشاركية! مثلا هناك من “قد يكسرون الصنابير والسواقي” فقط لأنهم يحبون كثرة الثرثرة بعيدا عن الرقابة … في حين أن ذلك المشروع المرفوض والمخرب بمنطق غياب الديمقراطية التشاركية، هو الخيار التنموي الأسلم، وذات الجماعة من الناس، بنفس المقاربة، قد يجمعون على إنشاء دار طالبة في قرية، فقط لأن قرية مجاورة تتوفر عليها، بالرغم من أنهم لن يتركوا أي من بناتهم لتقطن فيها، وقد يجمعون على منع أبنائهم من متابعة الدراسة في مدرسة لأنها بنيت في أرض قرية أخرى، وقد يجمعون على إعادة اقتناء فراش جديد للمسجد عوض بناء قاعة دراسية … مع الأسف كثيرة هي الحالات التي تجمع فيها الأمة على ظلال.
لقد أصبح الحكم على البرامج والمخططات التنموية رهين بمقدار الإجماع الذي يحاط بها وليس بالأثر التي تحدثها أو بالإشكالات التي تجيب عليها وبأي طريقة وبأي تكلفة وبأي خسائر، وفي نزعة “شعبوية” أصبح التوجه نحو الخيارات التوافقية والتوليفية، هروبا من القطائع والقرارت الحاسمة والفاصلة، احتماء بدفء الإجماع، وخوفا من وصم ولعنة الخروج عن “الجماعة”، و لا ننتبه إلى متى تكون الجماعة سربا ومتى تكون قطيعا.
في حياتنا اليومية، المهنية أو الخاصة، نتعامل مع الكثير من المواقف بمنطق “كن وسط الجماعة وقل يا قاطع الرؤوس”، و “لا يأكل الذئب من الغنم إلا القاصية” و “لا يخرج من الجماعة سوى الشيطان” و “اشتري من البائع الذي يتزاحم عليه الناس” و “صوت على الحزب الذي تجد رمزه منتشرا في كل مكان” … في انسياق عاطفي مع “الحشود والجماهير” دون إعمال للعقل والمنطق، هروبا من قساوة أو التفكير المجهد، نركن إلى الخيار السهل بتقليد ما تقوم به “الجماعة” الكثير العدد أو الخضوع لقرار “أنا مع الأغلبية”، فقط للنجاة من قهرية مخالفة “الاجماع المصطنع”، والتعرض للوصم الاجتماعي من طرف “الأغلبية”، حتى وإن كانت “الجماعة” غثاء كغثاء السيل، إذ تتجاوز الجماعات وعيها الفردي فينجح في تحريكها الخطاب العاطفي والمهوس والأهداف المطلقة …
حتى إن كنت مدركا ومقتنعا بعدم صواب قرار معين، فيكفيك أن تغلفه بإجماع معين حتى يصبح “شرعيا” ومبررا، حينها ستقول لأي مستفسر هذا ما قررناه واتفقنا عليه بالإجماع، … في ما يسميه علماء السيكولوجيا ب “عقلية القطيع/ الحشد”، إذ يؤكدون على أن كل ما هو فردي أو معقلن ينزوي في هياج القطيع، أو يتحول إلى ضحية للهياج العاطفي، والقطيع هنا لا يستعمل كحكم قيمة قدحي، بل كتشبيه تفسيري، وهذا ما توصل إليه العديد من الباحثين في مجال سيكولوجيا الجماهير، من أمثال جوستاف لوبون في كتابه “سيكولوجية الجماهير”.
من البارادوكسات والمفارقات العجيبة، أنه عندما يتساوق اجماع ما مع مواقفنا الخاصة نسميه “سربا”، أي أنه إجماع مرغوب، والخروج عنه بمثابة تغريد خارج السرب، فهو إذن شذوذ عن الجماعة، لكن عندما يكون اجماع ما مخالف لمواقفنا الخاصة نسميه “قطيعا”، أي أنه إجماع غير مرغوب، بالتالي فالخروج منه هو بطولة وانفلات، إنها تشبيهات أدبية لكنها تبرز اشكالية التلاعب ولي المفاهيم لأغراض ومصالح متضاربة، قد نتحجج وندافع عن إحدى سلوكاتنا بحجة أن الأغلبية تقوم بنفس الشيء، فالموقف هنا يكتسب شرعيته وحجيته من أن أغلبية الناس تتخذ نفس الموقف.
لا ننتبه عادة إلى أن المهم هو كيف نعرف هل “جماعة” هل هي “سرب” أم “قطيع”. فالسرب، أولا يشترط الحرية من خلال دلالة الطيران الحر، وكذا التداول والتناوب والعمل الجماعي، على أساس تناوب الطيور في قيادة مقدمة السرب، وضوح الهدف لأن الطيور المهاجرة تعرف مسبقا مساراتها… فكأن القيادة هنا منهجية وعقلانية، ّأما القطيع فيتصف بالارتجالية وعدم وضوح الوجهة، قيادة بالقوة بمنطق التبعية والاتكال والانانية، وكما يرى هاملتون، عالم الأحياء، في مقالته “هندسة القطيع الأناني”، فالاحتماء بالجماعة هنا يكون من منطلق أناني وليس حبا في العمل الجماعي ذاته، فكل فرد يخدم نفسه بالدرجة الأولى حيث يقلل الخطر عن نفسه بالدخول مع الجماعة والتطبع بطباعها وسلوكها، “دير راسك بين الريوس وقل يا قطاع الريوس”، فإذا عمت هانت. بالمنطق العقلاني، لا يمكن أن نقول عن كل إجماع بأنه “سرب”، فقد يكون مجرد “قطيع”.
لم ننتبه أيضا، إلى إحدى أهم مستلزمات وشروط “الديمقراطية التشاركية” وهو أن يكون المجتمع مجتمعا مدنيا بشكل حقيقي والدولة دولة مؤسسات، إذ لا زال المجتمع لم يحسم قطيعته مع “العرق” و “الدين” و “العائلة” و “القبيلة” و “لوبيات الريع” … كيف يمكن تفعيل الديمقراطية في مجتمع “مركب ومزيج” بمعناه الباسكوني، نسبة إلى السسيولوجي بول باسكون، وإلا سننتج ديمقراطية مزيجة، تولف بين التقليدانية والاقطاعية والليبرالية والديمقراطية التمثيلية والفصائلية والمحاصصاتية …
في كثير من الأحيان، تحولت آليات الديمقراطية التشاركية إلى كوابح للفاعل السياسي المنتخب أكثر منه مكملا، كيف سنفهم أن نمنع “منتخبا” من تنفيذ برنامجه الانتخابي، بآليات التشاور العمومي، لنفرض عليه تنفيذ مخططات أخرى مختلفة عن تلك التي أنتخب على أساسها أو تلك التي يرى أنها الأصلح، إذ أصبح الأمر يتعلق بنوع من “الأقليات” التي تمارس دكتاتوريتها.
من الغريب أن نظام “الانتخاب الطبيعي” في مجتمعاتنا مقلوب رأسا على عقب، ففي الجهاز المنتخب، “الأقل كفاءة”، مع وجود استثناءات، هم من ينتخب ليخطط للتنمية، منذ مفترق الطرق الأول، بعد البكالوريا يذهب المتفوقون إلى الأمن والصحة والتعليم أو الهندسة، ومن لم يتمكن من النجاح في تلك المباريات يتوجه إلى الجامعة أو الجيش، والمتفوقون في الجامعة، يتجهون إلى التعليم أو بعض الوظائف في الجماعات والمقاطعات والأمن، ومن لم يتمكن من النجاح يتوجه إلى البرلمان ليشرع القوانين لكل هؤلاء. المشاركة في جميع المباريات تتطلب دبلومات وشروط وامتحانات … فقط الوصول إلى سلطة القرار السياسي يحتاج فقط إلى حشد عدد معين من الأصوات.
نحن في حاجة لديمقراطية لا تنفي الفرد، ولا تذوب المسؤولية فى بوتقة الاجماع والجماعة والأغلبية، فالديمقراطية تشترط وجود المواطن الحر والدولة الوطن، بالتالي الحاجة إلى نظام تعاقدي بين المواطن والمرشح المسؤول الكفء، وفق حوافز مادية ومعنوية، فالمفروض في ذلك الشخص الذي سننتخبه ليدبر شؤون “المدينة” أن يتوفر على شروط معينة وليس فقط أن يحصل على دعم أغلبية عددية، وأن يكون عمله هذا ليس “تطوعيا” بمعناه الأخلاقوي، بل مهمة تتطلب تحفيزا ومسؤولية ومحاسبة.
هكذا تصبح الانتخابات مثلا عقد يلتزم به المرشح الفائز أمام ناخبيه بتحقيق بنود يتم الاتفاق عليها وقت الترشح ويتم مكافأته حال الالتزام بها، هكذا نكون بصدد ديمقراطية تعاقدية، تتأسس على دفتر تحملات وإلتزامات تتبعها محاسبة بتحفيزات ومسؤوليات مادية ومعنوية، هكذا تصبح المجالس المنتخبة مجالس إدارية وليس مجالس تمثيلية، وهو أقرب إلى معنى المفهوم الذي صاغه عالم الاقتصاد السياسى السويسرى هانز جيرسباش فى محاولة للتغلب على معضلات تطبيق الديمقراطية حتى فى الدول الراسخة فى التجربة، ورغم أن المصطلح مازال قيد التطوير ومازال هناك جدل فى مدى إلزامية العقد وفى الجهة التى ستتمكن من مراقبته والتحقق من التزاماته، لكن المبدأ هو أن الشرعية الحقيقة يجب أن ترتكز فى مدى الالتزام بالتعهدات ولا تقتصر الشرعية إذن على مجرد أصوات حصل عليها ليتكلف بمهام تطوعية غير ملزمة.
بهذا البراديغم، لن يشتغل مدبر الشأن العام بمنطق الخضوع لضغوط لوبيات الضغط أو ابتزاز “الحشود” … بل وفق برامج تعاقدية واضحة الأهداف والشروط والظروف، وبهذا لن تعمل الدولة كجهاز “تيرمومتر” يقيس درجة الاحتقان الاجتماعي، أو جهاز انذار لا يتفاعل إلا مع القضايا الحارقة التي تحدث ضجيجا، لأن الدولة التي تشتغل بمنطق “التيرومومتر أو البارومتر” تدخل نفسها في دوامة خطيرة لا مخرج منها، إذ تتحول إلى الدولة الإطفائي، وتصبح ضحية للابتزاز والحرائق المفتعلة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) باحث في قضايا التنمية والتغيير الاجتماعي.