Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / سياسة / مقال تحليلي... الملك يرسم ملامح مرحلة جديدة عنوانها التنمية والعدالة المجالية

مقال تحليلي... الملك يرسم ملامح مرحلة جديدة عنوانها التنمية والعدالة المجالية

كيوسك أنفو 11 أكتوبر 2025 - 09:33 سياسة

افتتح الملك محمد السادس السنة التشريعية الأخيرة من الولاية الحالية بخطاب واضح في مضمونه، حافل بالرسائل السياسية والتنموية، ومؤطر لمرحلة جديدة من العمل العمومي، قوامها الجدية والالتزام والمسؤولية. فالخطاب، الذي جاء في لحظة سياسية دقيقة، لم يكن مجرد توجيه بروتوكولي لبداية سنة برلمانية عادية، بل خريطة طريق متكاملة لمستقبل التنمية الترابية والعدالة الاجتماعية في المغرب.

 

البرلمان أمام اختبار الجدية والمسؤولية

 

ركز الملك في بداية خطابه على الدور المحوري لمؤسسة البرلمان، داعيا النواب إلى جعل السنة الأخيرة من ولايتهم محطة للإنجاز لا للمحاسبة الانتخابية، ولتكريس روح العمل الجاد والمسؤول بدل الانشغال بالمناكفات السياسية.

 

فالدعوة الملكية، هنا، إلى استكمال المخططات التشريعية وتنفيذ البرامج المفتوحة، تحمل في طياتها تنبيها إلى ضرورة القطع مع الممارسات التي تعرقل دينامية الدولة وتبدد الزمن السياسي والمؤسساتي.

 

التنمية الترابية كأفق استراتيجي لا كشعار ظرفي

 

أعاد الخطاب الملكي التأكيد على مركزية العدالة الاجتماعية والمجالية باعتبارها “رهانا مصيريا” وليست مجرد شعار ظرفي. فالمغرب، بحسب الرؤية الملكية، يوجد في قلب تحول تنموي يتطلب تعبئة وطنية شاملة، وتغييرا في العقليات وأساليب التدبير.

 

وهنا يبرز بوضوح المفهوم الجديد للتنمية الترابية، الذي دعا إليه الملك، والذي يقوم على التكامل بين المجالات الحضرية والقروية، وعلى علاقة “رابح – رابح” بين مختلف الجهات.

 

العدالة المجالية… من التنظير إلى التنفيذ

 

اعتبر الملك أن مستوى التنمية المحلية هو “المرآة التي تعكس مدى تقدم المغرب الصاعد والمتضامن”، وهو تشخيص دقيق لحالة الفوارق الترابية التي ما زالت تشكل عائقا أمام تحقيق التنمية المتوازنة.

 

ولتجاوز هذه الفجوة، طرح الخطاب الملكي ثلاث أولويات كبرى:

 

أ- الاهتمام بالمناطق الهشة، وخاصة الجبلية والواحاتية، عبر سياسات عمومية مندمجة تراعي خصوصياتها.

 

ب- اعتماد تنمية مستدامة للسواحل الوطنية، توازن بين الاستثمار الاقتصادي وحماية البيئة.

 

ج- توسيع برنامج المراكز القروية الناشئة، كآلية لتقريب الخدمات من العالم القروي والحد من التوسع العشوائي للمدن.

 

 

هذه الأولويات ليست مجرد توجيهات تقنية، بل رؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل العدالة المجالية من مفهوم إداري إلى ممارسة تنموية ملموسة.

 

 الدعوة إلى تعبئة شاملة ومسؤولية مشتركة

 

أبرز الخطاب أن التنمية ليست مهمة الحكومة وحدها، بل هي مسؤولية جماعية تشمل البرلمان، والأحزاب، والمنتخبين، ووسائل الإعلام، والمجتمع المدني، فأن التأطير والتواصل مع المواطنين، كما شدد الملك، جزء لا يتجزأ من عملية البناء الديمقراطي، لأن المشاركة المواطنة الواعية هي أساس نجاح أي مشروع إصلاحي.

 

روح جديدة في تدبير الشأن العام

 

دعا الملك إلى “ترسيخ ثقافة النتائج” واستعمال المعطيات الميدانية والتكنولوجيات الرقمية كأساس للتخطيط والتنفيذ.

هب إءن دعوة إلى تحديث آليات الحكامة وربط المسؤولية بالمردودية، وهو ما يشكل انتقالا نوعيا من منطق النوايا إلى منطق الأثر الملموس على حياة المواطنين.

 

خلاصة

الخطاب الملكي يرسم ملامح مرحلة جديدة في مسار المغرب الصاعد، تقوم على التنمية الترابية المتوازنة، وعلى تعبئة جماعية صادقة تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة، كما أنه يضع البرلمان والحكومة وكل الفاعلين أمام مسؤولية تاريخية: أن يكونوا في مستوى الثقة الملكية والمجتمعية، وأن يجعلوا من العدالة المجالية ركيزة لنهضة وطنية شاملة.

 

إنها، إذن، دعوة إلى العمل الجاد، لا إلى الخطاب؛ إلى الميدان، لا إلى المنصات والمنابر؛ وإلى بناء مغرب يتقاسم فيه الجميع ثمار النمو في ظل التضامن والمواطنة الحقيقية.

 

 

شاركها LinkedIn