Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / آراء / لماذا تعتبر منظمة الأمم المتحدة في خطاب إسرائيل منظمة معادية؟

لماذا تعتبر منظمة الأمم المتحدة في خطاب إسرائيل منظمة معادية؟

كيوسك أنفو 26 أغسطس 2024 - 03:36 آراء

حميد بلغيت* – تعتبر منظمة الأمم المتحدة في نظر كل المتعاطفين مع عدالة القضية الفلسطينية منظمة متخاذلة، بل متواطئة أحيانا، لأنها لا تقوم بما يلزم لصيانة الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، وحتى في قيامها بذلك، لا يتم الأمر كما يجب وحيث يجب.

في مقابل ذلك يطرح سؤال، إذا كانت هذه المنظمة تتصرف على هذا النحو إزاء القضية الفلسطينية، ما الذي يبرر النقد الحاد الذي توجهه إسرائيل لمنظمة الأمم المتحدة إلى درجة اتهام أجهزتها وموظفيها وخبرائها بمعاداة السامية أو أنها مؤيدة للإرهاب العالمي؟

وضعت إسرائيل منذ الجدل الذي خلفه تقرير خبير الأمم المتحدة ريتشارد غولدستون سنة 2012 خطة لمواجهة ما اطلقوا عليه بالإرهاب القانوني (للتفصيل يراجع كتاب “عن حق الإنسان في الهيمنة” للباحث الإيطالي نيكولا بيروجيني والإسرائيلي نيف جوردون)، وصرح نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون سنة 2014 بأن “الخنادق المتربصة بإسرائيل لا توجد فقط في غزة والضفة، بل أيضا في جنيف وفي نيويورك وفي لاهاي”، ويقصد بذلك مجلس حقوق الإنسان في جنيف، والجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ومحكمة العدل الدولية في لاهاي.

وفي نقدها هذا، تسجل إسرائيل نفس المؤاخذات التي نسجلها نحن على عمل أجهزة الأمم المتحدة بكونها منظمة تتعاطى بشكل انتقائي مع القضايا والأزمات والنزاعات الدولية، وتكيل بمكيالين، وأنها منظمة مسيسة وغير محايدة…

لنتأمل المعطيات التالية، خارج سياق ما بعد 7 أكتوبر، ومستحضرين في ذات الوقت الحماية الأمريكية لإسرائيل ودرجة تأثير ذلك على الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، منذ 2015 إلى غاية اليوم أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل في 155 قرار، والولايات المتحدة الأمريكية في 10 قرارات، بينما لم تتم إدانة الصين ولا مرة واحدة (علما أن ما يجري في إقليم شينجيانغ –تركستان الشرقية- ليس بسيطا من منظور حقوق الإنسان)، وتمت إدانة إيران ومينمار 8 مرات، وكوريا الشمالية 9 مرات، وروسيا 24 مرة… ونفس الامر على مستوى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، حيث أدان إسرائيل، من 2006 إلى الآن، في 108 قرار، وكوريا الشمالية في 17 قرار، وسوريا في 44 قرار، وإيران في 15 قرار، وروسيا في 8 قرارات… وبالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، وخلال الفترة من 2015 إلى الآن، كانت إسرائيل الدولة الوحيدة التي تمت إدانتها في 13 مناسبة، بالرغم من تبادل الاتهامات بين الدول الكبرى حول مسؤولية انتشار فيروس كورونا.

هناك معطيات أخرى مهمة تتصل ليس فقط بعدد قرارات إدانة إسرائيل، بل أيضا بنسبة التصويت عليها، حيث تقارب أحيانا الإجماع، وبذلك تكون الولايات المتحدة الامريكية وعدد قليل من الدول الجزرية (كفيجي، جزر مارشال، ولايات ميكرونيزيا الموحدة، ناورو، بالاو…) هي التي تؤيد بشكل معزول إسرائيل داخل أجهزة الأمم المتحدة. فحتى بريطانيا صوتت بنسبة 71% لصالح قرارات إدانة إسرائيل منذ 2015، وصوتت كل الدول العربية المطبعة ضد إسرائيل في كل قرارات الإدانة حتى بعد توقيعها اتفاقيات أبرهام لتطبيع العلاقات.

ماذا تعني هذه المعطيات؟ تعني ببساطة أن نقد عمل منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها ووكالاتها المتخصصة، قد يكون مبررا لتواضع منجزها لفائدة القضية الفلسطينية، لكن أي انجرار إلى تجاوز النقد إلى تسفيه عملها واعتباره غير مجدي ولا يرجى منه شيء، لن يكون إلا مسايرة، بل خدمة، من حيث لا ندري، لمرامي دولة إسرائيل في علاقتها بالأمم المتحدة.

 

* باحث في العلاقات الدولية، جامعة محمد الخامس.

شاركها LinkedIn