وهو يتسلم مفاتيح الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم سنة 2014، لم يكن الكثيرون يراهنون على نجاح فوزي لقجع، الذي يعد أصغر الرؤساء الستة عشر الذين تعاقبوا على تسيير الـFRMF، لكن الشاب البركاني القادم من عالم الفلاحة والميزانية ما لبث أن فاجأ الجميع بتحقيق ما عجزه عنه من سبقوه سواء من حيث قدرته على إعادة الهيكلة المالية والإدارية للجامعة أو نجاحه في تحقيق إشعاع قاري ودولي جعله ينتزع للمغرب عن جدارة واستحقاق مقعدا بالاتحاد الدولي لكرة القدم. فما هي حكاية هذا المهندس الذي حول كرة القدم المغربية إلى قوة ناعمة توزاي الآلة الدبلوماسية والاقتصادية للمملكة على مستوى القارة والعالم؟
ازداد فوزي لقجع سنة 1970 بمدينة بركان، لأسرة رجل تعليم محافظ وربة بيت رزقها الله أربعة أبناء، وكغيره من أقرانه بالمنطقة تلقى فوزي تعليمه الابتدائي و الإعدادي ثم الثانوي بمسقط رأسه إلى أن حصل على البكالوريا في شعبة العلوم التجريبية عام 1988، ليغادر بعدها بركان نحو آفاق أرحب دون أن يدري أن رحلته ستفتح له بسببها أبواب القصور والملاعب.
فكانت البداية بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة، الذي نال فيه شهادة مهندس زراعي، أهلته للالتحاق بوزارة الفلاحة، قبل أن يقرر مواصلة مشوار التكوين بالمدرسة الوطنية للإدارة التي جعلته يغادر وزارة الفلاحة نحو وزارة المالية متنقلا فيها بين المفتشية العامة ومديرية ميزانية الدولة التي صنع لنفسه فيها مجدا جعل اسمه يتردد عند كل تعديل أو تشكيل للحكومة إلى أن قرر عزيز أخنوش أن يخطف الجوهرة من عالم الإدارة والتقنوقراط ويدخله عالم السياسة عبر تعيينه وزيرا منتدبا مكلفا بالميزانية.
لكن يبدو أن كل النجاحات المهنية التي حققها في ميدان المال والأعمال، لم تكن كافية لتشفي غليل المهندس البركاني، الذي ما لبث أن وجد غايته في عالم بعيد كل البعد عن مساره التعليمي والمهني.. عالم كرة القدم بسحره الممتنع عن صرامة الرياضيات والأرقام التي تسيطر على قطاع المال والميزانية.
فكانت البداية سنة 2009، برئاسة فريق نهضة بركان، الذي سبق وأن لعب وترعرع مع فئاته السنية قبل أن تقوده رحلة الحياة نحو العاصمة ويتخلى عن حلمه بممارسة كرة القدم.. فكانت أولى النجاحات من خلال قيادة النهضة البرتقالية من عالم الهواة المظلم إلى قسم الأضواء، صانعا لنفسه مجدا آخر ما لبث أن أثار انتباه صانع القرار ليدفع به إلى رئاسة أقوى جامعة رياضية بالمغرب.
وينطلق معه عهد جديد لكرة القدم المغربية، حقق خلاله ثورة في التدبير المالي والإداري للجامعة و الأندية على حد سواء، حيث نجح الرجل في الرفع من ميزانية الـFRMF، كما قام برفع الدعم المخصص للأندية، ونجح في تعزيز البنيات التحتية وتحديثها، محققا بذلك للكرة الوطنية قفزة هائلة في عالم الاحتراف.
ولأن الشهية تأتي مع الأكل فقد واصل الرئيس فوزي رحلته في عالم المستديرة وهذه المرة خارج حدود المملكة، حيث تمكن من الظفر بعضوية المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، ويختاره رئيسها السابق أحمد احمد رئيسا للجنة المالية والتدبير والتعويضات والأجور ولجنة المنافسات والأندية بـ”الكاف”، ويصبح بذلك بين عشية وضحاها أحد الرجال الأقوياء في عالم الكرة الإفريقية خالقا لنفسه أعداء وأصدقاء، هنا وهناك، دون أن يكون ذلك كافيا لإيقاف زحف الرجل نحو القمة فأصبح أول مغربي يظفر بعضوية اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي لكرة القدم وهو المنصب الذي يبدو انه قد لا يقنع به حسب تقارير جزائرية لا تخفي تخوفها من أي يصبح لقجع في قادم الأيام رئيسا للفيفا.