مع تراجع مصادر الدخل التقليدية مثل السكر والسياحة، وجدت كوبا في تصدير الأطباء وسيلة فعّالة لتأمين العملة الصعبة وتعويض العجز في الاقتصاد الوطني.
فالجزيرة، التي تأثرت لعقود بالحصار الأمريكي، عمدت إلى تدريب أعداد كبيرة من الأطباء وإرسالهم للعمل في الخارج، سواء بموجب اتفاقيات حكومية أو بعثات طبية طويلة الأمد.
والنتيجة ان العائد المالي لهذه السياسة بات يفوق بكثير أي مصدر آخر للعملة الأجنبية في البلاد. فمن خلال اتفاقيات مباشرة مع دول مثل فنزويلا، تتقاضى الحكومة الكوبية مبالغ ضخمة مقابل توفير أطباء وممرضين، سواء عبر عقود سنوية أو برامج طويلة الأمد، ما يجعل هذا النشاط أحد أكبر روافد التمويل الخارجي، حيث تقدر بعض الدراسات أن إيرادات تصدير الأطباء تصل إلى مليارات الدولارات سنويا، متجاوزة دخل قطاع السياحة ومبيعات السكر والنيكل مجتمعة.
هذا النموذج الاقتصادي منح الحكومة قدرة على تمويل برامج اجتماعية واسعة في الداخل، خصوصا قطاع الصحة والتعليم، مع الحد من الاعتماد على المنح الخارجية أو القروض الدولية، كما ساهم في استقرار ميزان المدفوعات بشكل نسبي، إذ يوفر تدفقا مستمرا للعملة الصعبة دون الحاجة إلى تصدير موارد طبيعية محدودة.
مع ذلك، يبقى التحدي الأساسي مرتبطا بالحفاظ على جاذبية هذا النموذج الاقتصادي، في ظل زيادة المنافسة على سوق الأطباء عالميا وارتفاع تكاليف التدريب والصيانة الإدارية لهذه البعثات.
وقد يضطر الاقتصاد الكوبي مستقبلا إلى تنويع مصادر العملة الصعبة أو تحسين شروط الأطباء المشاركين لضمان استمرار هذا المورد الحيوي.
