Ads 160x600
Ads 160x600
الرئيسية / / تامغربيت / مولاي بوعزة… راعي الغنم الذي روَّض السباع وفضح ذنوب العباد

مولاي بوعزة… راعي الغنم الذي روَّض السباع وفضح ذنوب العباد

محمد فكراوي 13 مارس 2021 - 16:02 تامغربيت

ذكر العباس بن إبراهيم المراكشي في “الإعلام بمن حل بمراكش و أغمات من الأعلام” في نسب  الشيخ أبي يعزى أنه هو: “أبو يعزى يلنور بن ميمون, و قيل ابن عبد الله و قيل بن ميمون بن عبد الله بن عبد الرحمان، و قيل أنه أبو يعزى عبد الله بن عبد الرحمان بن ميمون الدكالي”..

تذكر المصادر أنه عاش في القرن الثاني عشر الميلادي، و وردت له ترجمتان وافيتان في مصنفين شهيرين، هما “دعامة اليقين في زعامة المتقين” لصاحبه أبو العباس العزفي، و كتاب “التشوف إلى رجال التصوف” لصاحبه ابن الزيات التادلي، ناهيك عن ترجمات لأعلام آخرين تتلمذوا على يديه أو زاروه ورأوا ما هو عليه من سعة علم وصفاء سريرة و إيثار في إكرام عابري السبيل..

كان بربري اللسان، أميا، أسود البشرة لا يحفظ من القرآن إلا الفاتحة والإخلاص والمعوذتين، ومع ذلك كان يرد على من يخطئ في تلاوة القرآن.

ومعنى أبي يعزى أي العزيز ومعنى يلنور أي صاحب النور وأصلها “يلا النور بالأمازيغية” . كان من معاصري الشيخ عبد القادر الجيلاني الذي قال عنه ” لا أعلم أحدا في عصري مثلي غير رجل أسود بالمغرب يكنى بأبي يعزى ويسمى يلنور” وقال عنه أبو علي الصواف ” رأيت أخبار الصالحين من زمان أويس القرني إلى زماننا فما رأيت أعجب من أخبار أبي يعزى “.

كان في بداية أمره يرعى الغنم ويكتفي باقتيات الحشيش ليعطي أرغفة الخبز التي يتقاضاها أجرا عم عمله لطالبي العلم . ثم ما لبث أن انقطع للعبادة، و قضى على ذلك عشرين سنة في الجبل وثمانية عشر سنة في السفح قبل أن يعرف عنه أي شيء. تجند بعدها لخدمة أشهر شيوخه مولاي بوشعيب الزموري حيث كان يقوم له بأعمال الخادمة يطحن ويعجن و يخبز ويسقي الماء بالليل ويختفي في النهار، حتى قالت زوجة الشيخ مولاي بوشعيب ما رأيت كهذه المملوكة تعمل بالليل ولا تظهر بالنهار. فلما أخبرها الشيخ عن حقيقته حلفت أن لا يخدمها بعد ذلك أبدا.

ينتسب إليه عدد لا يستهان به من أهل العرفان، و الذين قدموا إليه من كل فج عميق، من بلاد تادلا وحاحا و ركراكة و سوس و سبتة وغيرها من الأقطار..، كما أن له ذكر في مصنفات التاريخ لما اشتهر به عند سلاطين المغرب في العصر الموحدي، على حد ما جاء به صاحب “الإستقصا”.

يرجع بعض مريديه طريقته إلى الشيخ الجنيد السالك، ذو الفضل الكبير على كبار مشايخ التصوف في المغرب الأقصى عموما، كأبو مدين الغوث الذي قال يوما؛ “طريقتنا هذه أخذناها عن أبي يعزى بسنده عن الجنيد عن السقطي عن حبيب العجمي عن الحسن البصري عن علي-رضي الله عنهم-عن النبي صلى الله عليه وسلم عن جبرائيل عليه السلام، عن رب العالمين جل جلاله”.. غير أن صاحب “التشوف..”، أورد له كلاما يذكر فيه تتلمذه على يد أربعين وليا،” منهم من ساح في الأرض، ومنهم من أقام بين الناس حتى مات”.

ولم يقتصر صيته عند أهل المغرب، بل وردت له إشارات مضيئة في مصنفات المشارقة من أهل الذوق الرباني، و كتبهم في المناقب، و أهمهم الشيخ الأكبر ابن عربي في كتابه الشهير “الفتوحات المكية”، حيث ذكر بعض مناقبه وفضائله، وكذا كرمه  لضيوفه، طالبا من مرسول له أن يبلغ الشيخ أبو يعزى السلام، سائلا منه موفور الدعاء.

نقلت أخبار كثيرة عن كراماته، أوردها صاحبا “التشوف” و ” دعامة اليقين”، منها, مثلا, أنه كان يكاشف بذنوب العباد ويفضحهم بها ليتوبوا . وأن الأسود كانت تتجمع عليه من كل ناحية حتى أنه و لما اشتكى له الناس ذلك أمر أحد الخدم أن ينادي في السباع بالرحيل، فكانت ترى السباع و هي تحمل أشبالها وتغادر المنطقة. و منها كذلك اكتفاؤه بأكل النبات، و تفرغه لخدمة أهل العلم و العبادة ، و أن دعواته كانت مستجابة في استسقاء المطر و مداواة السقيم،كما أن له في إكرام عابري السبيل بحسب مراتب إيمانهم و إحسانهم أخبار بلغت كل الأفاق…و ذكره الD8يخ أبو الصبر أيوب بن عبد الله الفهري فقال:”لقيت الشيخ الزاهد الفاضل الرفيع آية وقته أبا يعزى يلنور و كان أعجوبة في الزمان و عذّة للإيمان,بلغ من مقامات اليقين مبلغا لا يبلغه إلا الأفراد من العارفين و اشتهر عنه من الكرامات ما وقع موقع العيان و شهد بشهرتها الكافة و الأعيان”.

توفي, رحمة الله عليه, عن عمر يناهز المائة و الثلاثين عاما في شوال سنة 572 هجرية حسب ما حققه عبد الوهاب بن منصور في أعلام المغرب العربي، بحسب ما ذكر صاحب “التشوف، ودفن في المنطقة التي حملت بعدها اسمه “مولاي بوعزة”، بإقليم خنيفرة حاليا، على الحدود بين الأطلس المتوسط و أبي الجعد و بلاد زعير.

 

شاركها LinkedIn