من الامور التي يؤسف لها، ان البعض لا يفرق بين المخدرات المحظورة والاستعمالات الترفيهية للقنب الهندي التي يعاقب عليها القانون، والتي لم يرفع عنها التجريم مشروع قانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي ولن يرفع عنها العقوبات ،وبين الاستعمالات الطبية العلاجية الصيدلية والصناعية المشروعة المعنية بمشروع التقنين والذي ينظم عملية منح التراخيص للمزارعين وتنظيمهم بما يضمن إعادة توجيه الإنتاج إلى الاستعمالات الطبية والصناعية، وذلك لإدخال عمليات إنتاجه ضمن دائرة تسمح للدولة بالمراقبة والضبط وجني الفوائد الاقتصادية والاقلاع التنموي ورفع الحيف عن جهات تعرضت لاقصاء تاريخي
و لقد اثبتت التجربة في ولاية الكولورادو Colorado التي قننت القنب الهندي منذ سبع سنوات ان تقنين عملية اقتناء وبيع هذه المادة كان جد إيجابي ،ذلك انه بالاضافة الى كونه رفع من مداخيل خزينة الدولة اربع مرات ، فان حوادث السير لم ترتفع قط كما ان عدد الجرائم المرتبطة بتناول المخدرات انخفض بمعدل 52 في المائة ،
الأكثر من ذلك فانه في إطار استثمار المداخيل المتحصل عليها من عملية تقنين القنب الهندي تم ضخ المبالغ في التربية والتكوين وكذلك في تقوية الجهاز الأمني وتحسين ورفع اجور رجال الأمن ومحاربة الجريمة كما انه تم القضاء على جميع العمليات غير المشروعة ووسطاء المخدرات الذين كانوا يجنون أموالا طائلة في إطار غير مشروع ، كما انه وقع تحسيس الشباب بمخاطر تناول هذه المادة الى حدود سن 25 سنة لما للمادة من تاثير على الجهاز العصبي ، علما ان المخدرات الصلبة ممنوعة منعا تاما لما لها من اثار مدمرة للصحة والمجتمع .
وإذا كانت معظم الولايات المتحدة الأمريكية قننت القنب الهندي كما قننته كندا وهولندا وأستراليا والنمسا وبلجيكا بنسبة ثلاث غرام و كرواتيا و ليسطوانيا و إيطاليا واللوكسمبرغ والمكسيك والبرتغال بنسبة 25 غرام واسبانيا التي سمحت بالتدخين في أماكن خاصة مسموح به ولكن في أماكن عامة يتم العقاب بغرامة قدرها 30000 أورو في حين هناك نوادي غرس القنب الهندي
بالاضافة الى عدم التجريم في سويسرا
نستنتج من هذه الملاحظات ان المغرب الذي له مساحات من القنب الهندي وعانت جهات من الارتباك بسببه سيكون التقنين بالنسبة اليه ايجابيا ومفيدا ، وانه سينهي مع مرحلة مبصومة بمعاناة الفلاحين واغتناء بارونات ووسطاء على حساب الضعفاء
وللإشارة فقد سبق لفريق الأصالة والمعاصرةبمجلس النواب ان نظم يوما دراسيا سنة 2013 حول نبتة القنب الهندي بالمغرب ومختلف استعمالاته في المجالات الطبية وكذا في مجال التصنيع ، ولكن بدل ان يتم دراسة الموضوع من مجال علمي واستثماري وتنموي ووجهت المبادرة انذاك بمزايدات سياسوية لا تتلاءم اطلاقا مع عجلة التنمية والدفع بالحركية الاقتصادية وإيجاد الحلول البديلة لطرق الاغتناء اللامشروع والذي فرض وجوده ضدا على القانون
ولقد مرت على اليوم الدراسي 8 سنوات وكان بداية طريق لسلسلة من اللقاءات المتجهة نحو تقنين استعمال القنب الهندي، والهدف كان هو فتح الحوار وعرض الموضوع للنقاش، والإلمام بجميع الآراء والتوجهات العلمية والتقنية، بعيدا عن المزايدات السياسوية وكسر وتحدي الطابوهات المترسخة عبر السنين وكشف الحقائق وإزاحة ما يلف هذه القضية من الغموض، بالإضافة إلى رد الاعتبار لمنطقة الريف التي عانت وما تزال تعاني من مخلفات النبتة المحظورة.
بمصادقة الحكومة على المشروع وتقديمه ومناقشته في لجنة الداخلية بمجلس النواب في افق تمريره و إخضاع كافة الأنشطة المتعلقة بزراعة وإنتاج وتصنيع ونقل وتسويق وتصدير واستيراد القنب الهندي ومنتجاته إلى نظام الترخيص ،ستقدم الفرق والمجموعات النيابية مقترحاتها وتعديلاتها من اجل تجويد مشروع القانون المذكور الذي سيواكب النموذج التنموي الجديد خصوصا في زمن ما بعد تداعيات جائحة كورونا ! اذ سيمكن المغرب من الاستفادة من الفرص التي تتيحها السوق العالمية للقنب الهندي المشروع بالنظر لمؤهلاته البشرية والبيئية، علاوة على الإمكانيات اللوجستيكية والموقع الاستراتيجي للمملكة القريب من أوروبا التي تعد الأكثر إقبالا على منتوجات القنب الهندي
سليمة فراجي