حميد اليوسفي
لست مختصا في كرة القدم أو من هواتها المدمنين . أتابع أحيانا مباراة لكن أتوقف قبل نهايتها . نفس الشيء حدث مع مقابلة الجزائر والكوت ديفوار ، فقد أطفأت جهاز التلفزيون بعد تسجيل الكوت ديفوار هدفها الأول ، وخرجت لأتمشى قليلا .
وبعد نهاية المقابلة بأكثر من نصف ساعة عدت إلى البيت ، واطلعت على النتيجة في الأنترنيت ، واستمعت للعديد من التعاليق والتحليلات .للحقيقة كنت أتوقع هزيمة منتخب الجزائر لسبب واحد لا يتعلق بالسحر أو العين أو الحسد ولا بالملعب أو فوزي لقجع ، ولا بالمدرب بلماضي أو حتى اللاعبين .
خمنت قبل المقابلة في سبب واحد سيهزم المنتخب الجزائري بشكل قاس ، وهو الضغط النفسي الذي مارسه البغي السياسي والإعلامي لنظام الكابرانات على المدرب واللاعبين لا أقل ولا أكثر . وتمنيت أن يكون توقعي خاطئا .
نعم تأسفت للجمهور الذي بقي مشدوها وراء أجهزة التلفاز ، وتأسفت للمدرب واللاعبين ، تأسفت للحالة النفسية التي خرجوا بها من الملعب ، لأنهم كانوا مجرد لعبة في يد طغمة لها فهم خاص لكرة القدم ، وطريقة توظيفها لإخماد ما سيأتي من حرائق يحبل بها واقع البلاد .بغي السياسة والإعلام نفسه أصيب بصدمة ، وفاق مرتبكا على أنه في كرة القدم إما أن تفوز أو تخسر أو تتعادل ، وأن الأمر يتعلق بلعبة تقوم على الروح الرياضية ، ولا علاقة لها بقوة الدول وتقدمها .
فرغم طمأنة رئيس الدولة للاعبين والطاقم التقني والدعوة إلى استقبالهم بنفس الحفاوة التي كانت مخصصة لهم لو عادوا منتصرين ، فإن الطائرة التي أقلت اللاعبين حسب بعض الأخبار ، اتجهت إلى فرنسا بدل الوطن الأم كرد فعل أو خوف من تهديد العسكر .
منطق الكابرانات يشبه المثل الذي يقول بأن صيادا أراد القبض على النعامة ، فتستر بريشها حتى لا ينكشف أمره . رآه صياد اعتقد أنه نعامة ، فأطلق عليه النار ، وأرداه قتيلا .
استغلال جهل الناس وعشقهم لكرة القدم ، ومحاولة استيلابهم باستعمال الكرة كغطاء للتستر على المشاكل الداخلية ذات الطابع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي تزداد اتساعا كل يوم ، غالبا ما ينقلب على أصحابه بنتائج عكسية . وهو ما حدث ، وسيحدث في الجزائر .
ما يغيب عن بغي السياسة والإعلام في بلد الجوار هو أن استقرار الدول وتقدمها رهين بتوفير الأمن والغذاء ، وربط التنمية بالديمقراطية ، والتحرر من قيود شعارات القرن الماضي ، وإبعاد الكابرانات عن السياسة وإعادتهم إلى ثكناثهم ..